مباشر- محمد الخولي: بحسب ميلتون فريدمان، الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976، فأن التأخيرات الطويلة والمتغيرة في السياسة النقدية التي تنتهجها البنوك المركزية حول العالم، للوصول إلى هدف “التضخم المتدني”، سيكون في الأغلب هدفًا لا يمكن تحقيقه.
“فريدمان” الأب الروحي للحرية المالية، رفض أي سلطة على الاقتصاد، خصوصًا أن الأسواق تصحح نفسها في النهاية، وبالتالي لا داعي لتدخل أي سلطة حتى وإن كانت البنوك المركزية. ورغم أن سياسات “فريدمان” تتداول اليوم بشكل أكبر من أي وقت آخر، إلا أن رؤساء البنوك المركزية لهم رأي آخر فيما يتعلق بهدف السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.
شبح آرثر بيرنز
وبحسب “فاينانشيال تايمز” لا يأتي رأي “فريدمان” منفردًا إذ يصحبه شبح “آرثر بيرنز”، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي خفض أسعار الفائدة في السبعينيات ثم عكس مسارها، قبل أن يرفعها مجددًا عندما قفز التضخم مرة أخرى، ذلك الشبح الذي يطارد 3 رؤساء للبنوك المركزية في عام 2024.
الثلاثة الذين تحركوا بشكل كبير لتهدئة المخاوف من معدلات التضخم المرتفعة، أكدوا أن رفع الفائدة سيؤدي في نهاية المطاف إلى ترويض الأسعار، لكنهم الآن وبعد أن انخفضت مكونات التضخم الأساسية خاصة أسعار الوقود والغذاء والسكن، في الطريق مجبرين لتنفيذ موجة تخفيض كبيرة للفائدة في 2024، لكنهم “مترددين جدًا”.
تأخير الخفض
الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا المركزي والبنك المركزي الأوروبي، قرروا تعليق أسعار الفائدة مؤقتًا في مطلع 2024، لكن مع نمو الأسعار السنوي الآن بين 2.8 في المائة و4 في المائة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والمملكة المتحدة، أصبح من الواضح أن اتجاه أسعار الفائدة في البنوك المركزية الثلاث، سيكون تخفيض الفائدة والتخلص تدريجيًا من سياسة التشديد النقدي التي بدأوها قبل عدة سنوات.
لكن محافظي البنوك المركزية، يشعرون أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم، خاصة فيما يتعلق بموعد البدء في الخفض. إذ قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاجارد، إن الصيف سيكون موعدًا مرجحًا للخفض، كما ألمح رئيس الاحتياطي الأمريكي، جيروم باول، إلى أنه لا خفض للفائدة في اجتماع مارس، أما محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، أكد أنه في انتظار المزيد من الأدلة على هدوء الأسعار، قبل اتخاذ قرار تخفيض الفائدة.
عدم اليقين
عدد من العوامل الضاغطة على البنوك المركزية حول العالم، زادت حالة عدم اليقين بشأن الأسعار مرة أخرى، أول هذه العوامل كان الحذر من ارتداد التضخم مجددًا، كما أن معدل نمو الأجور مازال مرتفعًا حتى بالمعايير التاريخية. ورغم أن الاقتصاد الأمريكي فاجأ الأسواق، إلا أن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط والاضطرابات الجديدة في سلاسل التوريد بسبب اضطرابات البحر الأحمر، جعل رؤساء البنوك المركزية يعيدون تفكيرهم مجددًا.
من ناحية أخرى، فأن أي إشارة إلى خفض وشيك للفائدة، قد تؤدي إلى تخفيف الظروف بشكل أكبر مما تريده البنوك المركزية الثلاثاء. ففي “وول ستريت” تتوقع الشركات ستة تخفيضات للفائدة في 2024، مقارنة بثلاثة فقط أشارت إليها توقعات الاحتياطي الفيدرالي. ومع ذلك، هناك خطر من أن يكون محافظو البنوك المركزية حذرين في اتخاذ قرار خفض الفائدة بشكل “مفرط” لثلاثة أسباب.
3 أسباب للتعجل
أولًا يبدو أن المحركات الرئيسية للتضخم في هذه الدورة الاقتصادية، عقب كسر سلاسل التوريد وصدمة أسعار الغاز وارتفاع الغذاء، قد تلاشت، كما أن ضعف الطلب سيخفف تأثير أي تعطل آخر في سلسلة التوريد.
تقديرات بنك “جولدمان ساكس” تشير إلى أن انقطاع الشحن في البحر الأحمر، في ظل الظروف الحالية، لن يؤدي إلا إلى رفع التضخم الأساسي العالمي بنحو 0.1 نقطة مئوية فقط هذا العام، إذًا لا خوف يذكر من ارتداد التضخم مجددًا إلى معدلاته السابقة.
الوظائف والأجور
ثانيًا، ورغم أن أسواق الوظائف لا تزال قوية، إلا أن الأدلة على التباطؤ تزداد، إذ وصلت الوظائف الشاغرة في بريطانيا إلى أدنى مستوياتها منذ الربع الثاني من عام 2021، كما تباطأت الأجور وفتح الوظائف الجديدة في الولايات المتحدة.
ثالثًا، معدل التضخم الأساسي السنوي لثلاثة أشهر، والذي يركز على الاتجاهات الأخيرة في التضخم الأساسي، اقترب من 2 في المائة في جميع أنحاء المملكة المتحدة ومنطقة اليورو والولايات المتحدة، ما يعني أن الحاجة إلى الحفاظ على معدلات تقييدية للغاية، انخفضت بشكل كبير.
وبالعودة إلى أثر “بيرنز”، يمكن لمحافظي البنوك المركزية تجنب أثر ذلك الشبح ببساطة إذا اعتمدوا على البيانات لكن بجرأة أكبر، عندها سيجدون أنفسهم بحاجة إلى خفض أسعار الفائدة عاجلًا بدون أي تردد.
للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا
تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام
ترشيحات
لماذا يفضل مزارعو القصب توريد المحصول لمصانع العسل وليس لمنتجي السكر؟
مصر تطرح تنفيذ 6 محطات لتحلية المياه مارس المقبل باستثمارات 900 مليون دولار
مطروح ترفع درجة الاستعداد القصوى لمواجهة السيول